كيف تدير موهبتك؟-الجزء الثاني

...



تكلمنا في الحلقة السابقة عن تطوير الموهبة، اليوم دعونا نفكر معا في طريقة تسويق هذه الموهبة. هناك معوقات كثيرة تعوق فكرة تسويق الموهبة، لو كنت تعمل في دولة من دول العالم الثالث، فهناك موروث ثقافي يجعل فكرة طلب المادة شيئا مشينا ويتعارض مع روح الموهبة ذاتها، الفكرة ليست صحيحة بالمرة؛ فالموهبة - كأي سلعة - يجب أن تسوق لها كي تدر عليك الشهرة أو الانتشار أو المال، وهي أهداف مشروعة أو حسبما تفكر أنت.



أ- SWOT

لو كنت قد درست التسويق فبالتأكيد تعرف تحليل SWOT.

عليك أن تحدد كلا من (نقاط قوتك، ونقاط ضعفك، والفرص المتاحة، والتهديدات المتوقعة).

اكتب كل هذه النقاط على الورق من حين لآخر؛ كي تعرف وضعك في الساحة جيدا، وكي تعرف أوجه القصور في أدائك، والتي يجب عليك أن تأخذها في الاعتبار، قم بهذا التحليل جيدا وكن صادقا مع نفسك، واستشر من تثق برأيهم، والمتخصصين في مجالك؛ كي ترى الصورة الكاملة، هذه هي الخطوة الأولى.

ب‌- التوقعات

تأمل الموهبة التي عندك، وتأمل جمهورها على الساحة، هل لهذه الموهبة شعبية كبيرة وسط الناس؟
من هم جمهورك؟
ما طبيعة هذا الجمهور؟
ما الحدود المادية حين تنجح في هذا المجال؟
حين تتأمل الحدود الموجودة حولك لن تضع توقعات غير منطقية، يجب أن تعرف أولا من هم جمهورك؛ كي تستطيع مخاطبتهم، وكي تضع توقعات صادقة لطبيعة نجاحك المتوقع. فلا يجب لمغني الأوبرا أن يشعر بالإحباط؛ لأن الناس لا يتعرفون عليه في الشارع. ضع توقعات منطقية كي لا تصاب بالإحباط فيما بعد ماديا أو معنويا.

ج- أنت من يصنع الحظ

هل تريد أن تعرف الفرق الواضح بين الشخص الناجح والشخص الفاشل؟

الفاشل لا يتوقف عن الشكوى والعويل بسبب المشاكل التي تحاصره والعقبات التي تكسره والإناس الذين يحاولون هدمه. الناجح هو الذي يفكر تلقائيا في تجاوز كل هذا. يعتقد الموهوب أن الفرصة يجب أن تأتي له جاهزة، وأن العالم يجب أن يكون مسخرا لخدمته ولإظهار موهبته، إلا أن هذا غير صحيح. لن يستوقفك رجل الأعمال الكبير في الشارع ليعرض عليك ملايين الجنيهات؛ كي تقبل العمل معه لن يتحمس لك أحد ما لم تكن أنت متحمسا لنفسك وناجحا في المقام الأول.
والت ديزني أنجح رسام في العالم، أدبيا وماديا هل كان طريقه للنجاح ممهدا؟ بالعكس، لقد كان رجل أعمال وأفلس حوالي خمس مرات. لو لم تكن قد وجدت الفرصة بعد، فاعلم أنك لن تحصل عليها قط إذا توقفت عن البحث عنها وبدأت في الشكوى والعويل من الظروف التي تعوقك، لا يمكنك أن تقوم بالشيئين في وقت واحد، إما أن تشكو الظروف والعقبات طوال الوقت، أو أن تعمل على تخطيها.

هذه هي طبيعة الأمور كلما ازداد إخلاصك ازداد نجاحك، وكلما ازدادت العقبات صعوبة كان نجاحك أكبر. "توماس إديسون" مخترع المصباح الكهربائي (اللمبة) التي تجدها في المكان الذي أنت فيه الآن، انظر لها قليلا وفكر في هذا الموضوع، لقد احتاج "إديسون" إلى 9999 تجربة فاشلة إلى أن استطاع أن يخترعها في النهاية.
لو كنت دؤوبا، فسيركع الحظ تحت قدميك

حين بدأت في رسم الكاريكاتير كنت طالبا في كلية طب الأسنان، ولم تكن رسومي تظهر إلا في معرض الكلية، ثم قررت أن أتقدم برسومي لتنشر في الصحافة، فتقدمت إلى جميع المؤسسات الصحفية في مصر، لكن الجميع رفضوا ربما؛ لأنني كنت صغير السن وقتها (19سنة) ولم يتحمس لي أحد مطلقا.

بعد أن رفضني الجميع اعتقدت أن النشر من رابع المستحيلات، استفدت من انتقادات الجميع وطورت أسلوبي، وكدت أفقد الأمل تماما إلا أنني قررت أن أتقدم بأعمالي إلى المجلة الوحيدة المتبقية، مجلة كبيرة لم أكن أحلم بأن أرسم فيها أساسا لصغر سني، لكنني تقدمت كي أشعر بأنني "عملت اللي عليّ وزيادة" كما يقولون. أنت تعرف نهاية القصة، فأنت تقرأ صفحتي الساخرة في جريدة روز اليوسف كل يوم أحد.
القاعدة هي:
لا تتوقف أبدا عن البحث عن الفرص، واعلم أن الفاشلين، هم أناس توقفوا قبل النجاح بخطوة، ولو انغلق باب فهناك آلاف الأبواب الأخرى تنتظرك لتبحث عنها.

د- الدعاية

يشترك كل العظماء والموهوبين الذين سمعت عنهم في صفة واحدة، وهي أنك قد سمعت عنهم. لابد أن يعرفك الناس؛ كي تكون مشهورًا. تتوقف الدعاية على نوع الموهبة التي عندك، فالبعض ينتشر عن طريق العمل في أماكن لا توفر إمكانيات مادية لكنها تساعد على الانتشار، البعض يقوم بتلبية كل دعوات الحفلات الكبيرة أو البرامج التلفزيونية كي يحظى بهذا الانتشار. الفكرة هنا هي أن الانتشار مجرد مرحلة، وأن الدعاية يجب أن تكون مدروسة كي لا يملّك الناس ويرون ظهورك المستمر مملا.

هـ- التعاون

لم نكن لنسمع عن "نجيب محفوظ" لو لم يكن هناك من تحمس لنشر أعماله. لن تستطيع أن تصل للنجاح وحدك لا تعتبر نفسك الأعظم؛ كي تقوم بكل التفاصيل وحدك، لا تبدأ بالتلحين والتوزيع والغناء والإنتاج والتسويق وحدك، فعشرون عقل يفكرون أفضل من عقل واحد. المدير الناجح هو من يستطيع أن يجذب إليه الموظفين الذين يكملون أوجه نقصه هو، وبهذا تكون المؤسسة أقوى ويكون هو نفسه أعظم. لا تعمل وحيدا واستفد من قيمة العمل الجماعي، الذي سيعلو بموهبتك مهما كانت هذه الموهبة فردية، لن تدرك هذا إلا حين تبدأ موهبتك في التبلور فعلا.

و- اختر معركتك

أقول دائما أن الفواعلي وعامل البناء يتعبان أكثر من "بيل جيتس"

ليس كل العمل يعود عليك بعائد كبير، ليس كل المجهود مجزيا؛ لذلك فاختر الأماكن التي ستعمل بها والتي يجب أن تكون مفيدة لك أنت في المقام الأول، إما ماديا أو معنويا كما قلنا، لو لم يعد عليك العمل في مكان ما بشيء منتظر، فلا تتردد في توفير الوقت لشيء أفضل.
لا تبذل مجهودك فيما لا يفيد، لا تبدد طاقتك الإبداعية في صراعات صغيرة وتفاصيل تافهة لن تعود عليك بشيء، كبر دماغك يعني في صغائر الأمور، كي لا تستهلك هذه الصغائر حياتك كلها.

ز – النمذجة modeling

هذه النقطة وحدها كافية جدا.
اختر شخصا ناجحا في أي مجال تفضله، واجعل هذا الشخص نموذجا لتدرس عليه أساليب النجاح في هذا المجال، وراقب ما الذي فعله في كل النقاط السابقة، اقرأ سيرة الناجحين واقترب منهم؛ كي تراقب كل تفاصيل إبداعهم، البرمجة اللغوية العصبية كلها مبنية على هذه النقطة، مراقبة الناجحين ومعرفة أساليب نجاحهم ونمذجتها، وملاحظة كل ما يفعلونه حتى طريقة تفكيرهم.
معظم الناجحين كان هناك شخص ما يعتبرونه ملهما لنجاحهم.. هذه هي النمذجة في أبسط صورها.

ح- تفكيرك يصنع مستقبلك

لو كنت ترى نفسك ناجحا فستصبح ناجحا. لو كنت ترى نفسك شخصا مظلوما أكل الأوغاد حقه، فستكون كذلك. صورتنا الذاتية هي من يصنع واقعنا، حاول أن ترى نفسك في أفضل صورة ممكنة ولا تتكلم عن نفسك بالسوء أبدا، لو أقنعت نفسك بأنك ناجح، فستصبح سعيدا ومتفائلا، ومن ثم ستصبح ناجحا فعلا.

هكذا تسير الأمور.
في هذا الموضوع تكلمنا عن إدارة الموهبة باختصار.

فعنوان (كيف تدير موهبتك؟)
يصلح عنوانا لمجلد من عدة أجزاء لو تركت لنفسي العنان، إلا أننا تطرقنا للموضوع ودخلنا في بعض تفاصيله.
فأرسلوا لنا تعليقاتكم كي نحقق التواصل بيننا وبينكم.
وخلـّيكم فاكرين:
نحن نعيش حياة واحدة فقط، فلندعها تكون أفضل حياة ممكنة



نشكر  د.شريف عرفة الكاتب علي هذه المعلومات القيمة وجازاه الله خيرا عنا جميعا .
...
يتم التشغيل بواسطة Blogger.